أفهم ملاحظاتك أخي أحمد .. و هي و الحمد لله نادرة الحدوث في مجتمعنا .. و إن كانت الحادثة الواحدة تسبب ضجة كبيرة و جدلا كبيرا ...
ما يجب أن يركز عليه المسؤول قبل كل شيء آخر هو الأمور الموضوعية المتعلقة بمدى أداء الموظف لواجباته و مدى إلتزامه بما يضعه القانون على كاهله من إلتزامات ... هذا في المقام الأول ... ثم يأتي بعد ذلك الهندام في ذيل الترتيب ....
و على المسؤول أن لا يبني تقييمه لهندام الموظف على خلفيات تتعلق بقناعاته هو شخصيا .... فنحن في مجتمع مسلم تجمعنا جميعا نفس القيم.. و لكل منطقة عاداتها و تقاليدها الخاصة بها و التي قد تكون متميزة عن غيرها .. لهذا يجب أن يكون تقييمنا للهندام مرتبط بإحترام هذه القيم و العادات و التقاليد .... و بالطبع فهناك بعض المهام التي يشترط فيها القانون زيا معينا و هنا لا جدال في وجوب تطبيق القانون بصرف النظر عن غيره من الإعتبارات لأن وظيفة المسؤول تطبيق القانون و ليس تغييره.
أما ما يتعلق بالحجاب أو بالنقاب أو بسلوك المرأة العاملة التي تحتفظ بمسافة بينها و بين زملائها سواء كانت متحجبة أو لا ..و كذا الأمر بالنسبة للملتحي و صاحب القميص فكل هذه حرية شخصية لا تخالف نصا قانونيا على حد علمي .. و بالتالي لا يمكن لمسؤول أن يفرض على أي كان نزع القميص أو حلق اللحية طالما لا يوجد نص يقضي بذلك...
لكنني شخصيا لا أقبل أن يعمل البناء على علو 20 مترا و هو يرتدي القميص ... لأن ذلك مرتبط بالأمن في مواقع العمل و ليس بالقميص في حد ذاته لأنني لن أقبل أيضا أن يعمل نفس العامل بدون خوذة و بدون حذاء مناسب.
و لكنني شخصيا و طوال حياتي المهنية لم أضع الهندام كمعيار لتقييم الموظف إلا مرة واحدة ... و منذ تلك الحادثة تعلمت أن أفكر قليلا قبل التسرع و التهور ... كان معنا زميل سيء الهندام و لم أكن راض عن مظهره مما أثر على تقييمي له .. و حين إعترض على التقييم شرحت له أن الأسباب تتعلق بمظهره ... فشرح لي الأمر .. كان يعيل عائلته إضافة إلى أبويه و عائلة أخته المطلقة و عائلة أخيه المتوفي ... و كان أجره لا يتعدى 8.000.00 دج حينها ... أحسست في تلك اللحظة بأنني لن أكون أبدا أكثر تفاهة مما كنت و أنا أحمل القلم للتوقيع على بطاقة التقييم الخاصة بهذا الزميل ... و من ساعتها أدركت أن المسؤول الحقيقي هو من يتعرف إلى الحياة الخاصة لمرؤوسيه .. فنحن لا نسير جمادا...
و لكن مع ذلك لا بد من أن يكون المظهر مقبولا ... و أن يكون ممتازا من حيث النظافة و أن يكون مراعيا للآداب العامة.
و مع ذلك أيضا ما زلنا لم ننته من مشلكة الآداء ... لذا يجب التركيز عليها لأن مسألة الهندام يسهل حلها سواء بإمكانيات الموظف أو بإقرار منحة أو بذلة عمل .... فأنا شخصيا لا أستطيع أن أتحمل نفقات أطقم عديدة .. و لست من النوع الذي تراه كل يوم بنفس الطقم ....أغلب مواقع العمل تفتقر للنظافة و للتكييف .. مما يجعل الموظف مجبرا على غسل ثيابه ربما مرتين في اليوم ..... و هي نفقات قليل منا من يتحملها إلا على حساب حاجيات أبنائه و عائلته ...
و المهم في كل هذا أن نحافظ على الآداب و أن نحترم قناعات الناس... لا أدري لماذا نضايق المحجبة و لا نضايق زميلة أخرى ترتدي لباسا فضفاضا لا حشمة فيه ... لماذا نضايق صاحب القميص و لا نضايق صاحب الجينز الضيق و الصدر المكشوف و القرط في الأذن .....